عرافةً وآلة، وآخذ به من طرق بني مردخاي على قارعة المحجة بين الناس، وأقلده سيف الباجي أبي القاسم، فإنه صفيحة مقشرة لا غرار لها ولا ظبة، كأنه قضيب صاحب اسفيريا، أو عمود نيزكي لم يحدد له زجاً؛ وهذا شرط ذلك اللعب، ففي نفوس القوم خور، لا تحمل معه السلاح إلا بخوف وحذر. وتأملت خفية فإذا بهما من كيمختٍ بال، مصدران تصدير السندال، قد انهرتت أشداقهما، وتهدلت مشافرهما، وصار عاجهما آبنوساً، ونعلهما خيالاً مرسوساً؛ فقلت: لا يزدوج طليسان ابن حرب إلا بخفي حنين، وقد كفينا ارتياد خلعة، توافق هذه الطلعة؛ ثم جمعت جراميز صبري، وأخذت بكظم نفسي، واستعذت بالله من آفة الغفلة، وشغل بالي ذلك المرأى الشنيع، والموقف المهول، وحرمت عامة نهاري من يعلمني، حتى ظفرت بمن أوسعنيه علماً، وفسره لي نصاً، فلففت رأسي حياءً منه، وتمنيت أن تضمرني البلاد عنه؛ وأدركته - لا محالة - خجلة ذلك الملتقى، فحماني زورته، ومنعني عودته، يرجم في الظن السوء؛ وإن يقل فمعذور، وإن يكن مني ما كان فغير ملوم، لأنك رميتني بآيدة الأوابد، وداهية الغبر، ومشكلة لا تنفرج بالبديهة، ولا ينفذ فيها إلا بطول الروية، وما أعجب