وفي فصل منها: ومن العجب أن تنسبني إلى الشعوذة وهي حصنك إذا غلبت، وتلحنني في النطق وهي عادتك إذا كتبت. ولعمري لقد قلتها ولقد جهلتها، وتركتها وما عرفتها؛ وكما أن بركة الأشجار في الأنوار، فكذلك بركة الأدب في الرسائل والأشعار. فأين رسائلك وأشعارك، ومؤلفاتك وآثارك - هيهات هيهات: غلبك على الحق أهله، ونفاك عنه جهله؛ وكفاك ما طار لك من حسن الذكر، وطيب النشر، ولمثله فاعمل، وعلى ما كسبت منه فتوكل، فتحصد الذي زرعت، وتعلم عاقبة ما صنعت.
" وهذه نبذة من كلامه الواقع من هذا السفر، مكان الواسطة من عقد البكر، جمعها أبو الحسن في مسودة هذا التأليف، ورأيته قد ألمع منها عند التحرير بالنزر اللطيف على عادته من إيثار الاختصار واقتضاب ما يتخلص على الانتقاء والانتخاب. وقد رأيت أن أحبر منها الأوراق التي بقيت بيضا، بما يخجل الروض أريضاً، ويزري بالمسك فضيضاً، تحفظاً بتلك الآثار الكرام أن تعفو، وخوفاً على تلك الأنوار الوسام أن تخبوا ".
[ ... ] أفاز الله يا سيدي الأعلى قدحك، وجعل لمرضاته كدحك، وسدد إلى أغراض الصواب سهامك، وأورد على حياض السحاب أعلامك؛ وفتح المبهمات