حساد عقله؛ والمتكبر في النفوس صغير، والمتواضع في الصدور كبير؛ والرفيع من ترفع عن الدناءات، والوضيع من ادعى لنفسه واجباً وضيع الواجبات. وجئتك زائراً، فكأني جئتك آملاً، وأردت مصافحتك فما مددت يداً، وطلبت معانقتك فخلتك مقعداً، وبعد أن هممت بالنهوض أقعدك الكسل، كأنك خمصانة أثقلها الكفل؛ وجعلت تشير بالحاجب وتلوي الشفة، وتدعي بالجهل في كل شيء معرفة. فما كان ضرك حين أخللت لو أجللت، وما كان يسوؤك حين ناظرت لو أجملت، وما كان ينقصك حين حكمت لو عدلت -
زعمت أني أخطأت في كتب " سحن الوجه " بالسين، وطمست طرق المخارج لي وهي تستبين، وهذه اللغة كلها قد طلبتها فلم أجد فيها " صحن الوجه " بالصاد، فإن أردت أن تستعير " صحن الدار " للوجه فلا يبعد أن أجعل " السحن " جمع سحنة، وهو أقرب وأعرف؛ وإن قلت إن الأكثر اتفقوا على كتابه بالصاد، فإن لمثلي أن يختار في كلام العرب ما أراد. وما أبرئ نفسي من زله، ولا أعصمها من ظهور خلة؛ فالأدب يجعل للأديب مخرجاً، ولا يجعل باب العذر له مرتجاً.