[وله من أخرى إلى ابن عبد الرحيم: طيب ثنائك ثنى إليك أنسب، وغريب وفائك أفاء عليك نفسي. والثناء النفيس شرك النفوس؛ وفعل المحبوب مصائد القلوب؛ ومن كان الفضل من أنصاره، اجتمع على إيثاره؛ حين طلعت من سماء فضلك نجومه، ونضر بك من روض رجائي هشيمه. وأنا أحمد للأيام هذه الكرة، وأستغرب من أفعالها هذه الندرة. وأحب أن يعلم سيدي أني سابق في مضمار وداده، لاظ بثنايا ارتباطه واعتقاده، أثني عليه خنصري إذا عددت واعتددت، وأبدأ به بعد البسملة إذا كتبت من وددت واعتقدت. وله - أعزه الله - الرأي العالي في قبول من أقبل عليه، والنزاع من نزع إليه. فأقسم لو كتب عني عطارد، أو جعلت لك النجوم قلائد، ما أقنع في وصف ودادي، ولا بلغت الأمل من مرادي] .
وله من أخرى إلى أبي جعفر ابن عباس، وقد زاره فلم يوفه حقه:
كلف المروءة - أبقاك الله - صعبة إلا على الكرام، وطرق الجفاء رحبة لسلوك اللئام، والأحمق يرى البر خسراناً، ويعتقد إكرام الوافدين نقصاناً، فيمنح الكثير من عرضه، ويمنع اليسير من عرضه، ويلبس درعاً وهو مهتوك بالطعن، ويجعل الكبرياء رداءه وهو مطرز باللعن؛ والكبرياء رداء الله الذي من جاذبه إياه قصمه؛ والتقى حبل الله الذي من تعلق به عصمه، وما يتكبر إلا من جهله، وعجب المرء أحد