من رغب عن الفضل فنفسه ظلم، ومن فر من الليل أدركه حيث خيم. ومن لكل ظمآن بعذب زلال، ولكل آمل بنيل الآمال - وما كل مستسقٍ يمطر، ولا كل طالب يظفر. ولولا العلل لم تحمد الصحة، ولولا الترحة لم تطب الفرحة. وما ضاق عذر من وسعه حلمك، ولا خذل دهر من نصره عزمك. وما عشت يا سيدي عمراً لم أقطعه في ذراك، ولا نلت حظاً لم يكن بمسعاك، ولا حسن لي عمل خالف هواك، ولا لذ لي أمل لم يكن برضاك. والآن قد أمكنك استرقاق حر رائده، من حريتك، وابتناء مجد دعائمه من سروك ومروءتك، فالأبي مصحب لمرامك، والعصي مطيع لا عتزامك. وما أحسن العافية ولا كحسنها بعد البلاء، وما ألذ السعادة ولا كلذاتها بعد الشقاء، وما أنقع الورد لغلة الخوامس، وأطيب الظل للضاحي الشامس! ومن عدم الشفعاء قامت أمامه فضائلك، ومن قسا عليه الزمن لانت له شمائلك. والشمس بعد السحاب أبهى، والإمكان بعد التعذر أشهى. ومن يحسد مناوئاً، ويغبط مضاهياً، فأنا أحسد على ملاقاتك، وأغبط نفسي على مناجاتك. فإن منعت عنك عيني فقد رأتك في كل حسن تراه، وإن حزنت بالبعد منك فقد سررت بما من لقائك أتمناه. والله يدنيني من حضرة المجد، والتماح غرة السعد.
وله فصل من رقعة: وتوجه فلان إلى ما قبلك يأمل سناً فهداه، ورجاءً