منخلع من صالح الخصال، مترد في هوة السفال، لا يتحرز منه في حال من الأحوال، راكب للغي، مستميت على الإمارة، مطرح للنظر في العاقبة، شتيت الشمل، قليل الوفر، نزر العدد، حال البلد حاضر أهله، إلى من فارقوا من جاليهم، قد وقذه، ورجاله ورعيته طول ما صحبوا الغلاء وحالفوا المجاعة، يكاد يأسه يستولي على طعمه فيدفعه بالتوطي عن الكريهة، والتحكيم على متقلد خطة البغي في سوء العاقبة، قد مثل منتصبا لحظته، لابسا فؤاد القاسي فوق درعه، يكاثر بحور الحصى من فرط جهله، قد جمع محاشه عند شمرته لحربه، فما إن تتامت عدتهم مائتي فارس، أكثرهم مسوقون حاقدون معوقون مستقصرون، يشتري لهم القوت من السوق، مضيقاً على رعيته، ويزدلف بهم في غد أيامهم، ويعدهم ثواب عاجل الطعن نسيئةً على مستأخر النصر؛ قد علم ذلك من اختلال أحواله عدوه المتظاهرة قواه وعدده، فنزل بساحته نزول النظير له، المتكافئ العدة، متسنماً هضاب جبل البلد المسامتة لباب المدينة الجوفي، مهتضماً وأحبشه اللهام، بإنزاله إياهم ساترات تلك الأهضام، كالمتقدم بالاستظهار على مرهوب بيات الليل ومغافصة النهار، قد اقتصر من اللصوص بأهل البلد والموالاة لقتالهم على قفص يده لزروعهم؛ أطال بذلك حصار قرطبة، وأعداؤه يعجبون من طول كنفه لها، ويرونه لا محالة محروم المصال، مع ما يزجي من كتائب لو قادها