وقبض للحين عليه وعلى إخوته، وسائر أهل بيته وأسرته. وبالغوا لوقتهم في انتهاك حرمه، وإزالة نعمه، وإخفار ذممه. وأخرج الشيخ اليفن أبو الوليد - بقية أشراف الأندلس في وقته - مفلوج الشدق، مائل الشق، مغلوب الباطل والحق؛ لم تحفظ له حرمة، ولا رعي فيه إل ولا ذمة.

بلغني أنه لما وسط به قنطرة قرطبة خارجا منها على مركب هجين، وحاله تقر عيون الحاسدين، رفع يديه إلى السماء، وأخذ يبتهل في الدعاء، وكان مما حفظ عنه قوله: اللهم كما أجبت الدعاء علينا فأجبه لنا؛ فمات بعد أربعين يوما من نكبته بجزيرة شلطيش مزال النعمة، [مذال الحرمة] ، فتعالى المنفرد بالبقاء، جبار الأرض والسماء. وأقرت ساقته بها، فأقاموا هنالك أكثر أيام المعتمد، يأخذهم الحدثان ويدعهم، ويخفضهم الزمان أكثر مما يرفعهم.

@فصل له في ذكر رحيل أين ذي النون عن قرطبة يقول فيه: لما نزل ابن ذي النون بسبيله، فكشف الله هممه عن أهل قرطبة، أبدوا الشمات به، وقضوا بالإدبار عليه، وتنقصوا حجاه، واستفالوا رأيه، وأضافوا سمو محله إلى حظوة جده، من غير استعانة منه بغريزة لب، أو مادة معرفة، أو اكتساب تجربة، إذ جمع الجيش ذا الألوف المختلفة الألسنة، الناهك الكلفة، فجره على بعد الشقة إلى قرن غفل غبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015