قرطبة في الذي رأوه من تنافس ولدي أبي الوليد محمد بن جهور في الانتصاب لخلافته: عبد الرحمن كبير جماعتهم، وأخيه عبد الملك أشهمهم فؤاداً وأصلبهم عوداً، الذي كشف عن وجوهم غمة مركسهم ابن السقاء، كافر نعمتهم، فاستدرك لهم ما كان تولى من سلطانهم، لفتكته به التي أثبتت أوتاد ملكهم، ثم شد يده بطلب حقه من ذلك، ونازع أخاه كبير عبد الرحمن ما ذهب إليه من التفرد به؛ وقد كان أشار على أبيهما بعض حلفائه من رؤساء الأندل بإيثار عبد الرحمن منهما، فتمسك الشيخ بحظه من إرضاء ولده الصغير عبد الملك، فمال إلى قسمة الرياسة بينهما حياته، غير ناصبٍ لأحدهما للأمر، يقضي الله به لمن يشاء بعده، صنيع والده فيه؛ فمتع نفسه بهواها في صغير ولده، وأنشد قول ابن الجزيري:

وإذا الفتى فقد الشباب سما له ... حب البنين ولا كحب الأصغر فأرتع ولديه هذين في دنياه، وبسط أيديهما في سلطانه، فطفقا يستميل كل منهما طائفةً من الجند، ويصطنع من الرعية فرقة، ويفتلذ من عقيدة الملك فلذة، فأصبح الأمر مختلطاً، والأرباب متفرقين، والمخاوف تطلع من كل ثنية، والهوادي تؤذن بالأعجاز، والله كل يوم في شأن. ثم خاف عليهما، فجعل إلى أكبرهما عبد الرحمن النظر في أمر الجباية، والإشراف على أهل الخدمة ومشاهدتهم في مكان مجتمعهم، والتوقيع في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015