في المدة القريبة وأثمر الثمرة الزكية، ودب دبيب الشفاء في السقام، فنعش منها الرفات، وألحفها رداء الأمن، ومانع عنها من كان يطلبها من أمراء البرابرة المتكنفين لها، المتوزعين أسلابها، بخفض الجناح والرفق في المعاملة، حتى حصل على سلمهم، واستدرار مرافق بلادهم،. ودرأ القاسطين عليه من ملوك الفتنة، حتى حفظوا حضرته وأوجبوا لها حرمةً، بمكابدته الشدائد حتى ألانها بضروب احتياله؛ فرخت الأسعار، وصاح الرخاء بالناس أن هلموا، فلبوه من كل صقع، فظهر تزيد الناي بقرطبة من أول تدبيره لها حتى ملأوا المساجد والأفنية، وسمت أثمان الدور بها، والابتناء لخرابها الفاشي، أخذاً بالهوينا، فاتصل البنيان بها، وغلت الدور، وحركوا الأسواق، فعجب ذو التحصيل للذي أوى إليه في صلاح أحوال الناس من القوة ولما تعتدل حال، أو يهلك عدو، أو تقو جباية، وأمر الله تعالى بين الكاف والنون.
وتوفي أبو الحزم ليلة الجمعة السادس من محرم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، فصار الأمر إلى ابنه أبي الوليد محمد بن جهور بن محمد بن جهور ابن عبيد الله السر من آل عبدة، نهاية الشرف الأثيل بقطربة، على أس الدهر المغرب شأوه في نظم قلادة خمسة ككعوب الرمح أنبوباً