فصل:

وانكدر بإثر وفاته ابن باشة المعروف بالأصغر، هدام القصور، ومبور المعمور؛ وكان من التبحبح في اللؤم، والالتحاف للشؤم، مع دناءة الأصل والفرع، وتنكب السداد، وتقيل الفساد، على ثبج عظيم. بيده بادت قصور بني أمية الرفيعة، ودرست آثارهم البديعة، وحطت أعلامهم المنيعة. وصار من البديع أن قدمه ابن السقاء مدبر قرطبة وقت النظر في جميع آلات ما تهدم من القصور المعطلة؛ فاغتدى عليها أعظم آفة، يبيع أشياء جليلة القدر، رفيعة القيمة، في طريق الأمانة، ولم يك مأموناً على باقة بقل؛ فعاث فيها عياث النار في يبيس العرفج، وباع آلاتها من رفيع المرمر، ومثمن العمد، ونضار الخشب، وخالص النحاس، وصافي الحديد والرصاص، بيع الإدبار. ولم يزل ينفق ما غل بمرأى ومسمع في أبواب الباطل، حملت عنه في التبذير نوادر تشهد بأن الدار ليست بدار مثوبة ولا جزاء. وكانت رسل أملاك الأندلس تأتيه كثيراً في ابتغاء ما لديه من تلك الآلات بالأثمان النفيسة، فيبذلها هو في أنواع الضلالات إلى أن استنفدها على طول المدة، ثم فقر آخر مدته، واختل واعتل، ووافته منيته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015