فصل:
ونعي إلينا فلان، وكان مع ثروته مضاع الجار، ممطول الغريم، عاتب الصديق، مكرهاً إلى الأنام، معضوضاً بأنياب الملام؛ مقدماً في صدور الأمثال ببسطة الرزق، على ضيق الباع في العلم والفضل، والاتساع في الجهل، فلا يحفظ من الفقه مسألة، ولا يوثق من الشروط عقداً، ولا يتخلص في التلاوة من سورة، ولا يفيض في الأدب ببيت شعر، ثم يأوي بجهله إلى حرج صدر، وغالب نزق، فلا تلقاه الخصوم أبداً إلا سريع التغضب سيء التناول، ينازق الذباب شراسة. سولت له نفسه الجهول أنه قاض لما ناسب الذكاونة، وأول من ظفر من قلانسهم بطويلة، فنبذ مسحاة الفلاحة، وأعجبته نفسه الغثراء فخال أنه إمام الأمة المستظهر على الإمارة، فارتقى إلى الغي ذرى شاهق زلت منه قدمه، فهوى في الحضيض أسرع من رقيه. غره ابن عمه الشهير البطالة، السفيه الماجن، من رجل دد، لم يكن قط من الجد في صدر ولا ورد، دن شراب، وزير قحاب، دفتره الدف، وتسبيحه السخف، وأنسه بكأس وقينة، ودرسه لنميمة وغيبة، وقضمه لحوم الغافلين، ورأيه رأي المستهزئين. إنما أربه بطنه وفرجه، وهمه عيبته وخرجه، وبطانته كل بطال ماجن ماجن ومأفون عائب، يرضون منه بالكسرة والعرق، جزيئين على تمزيق أهب الخلق، يتجسسون