فركبت سنن من تقدمني فيما جمعته من أخبار ملوك هذه الفتنة البربرية، ونظمته وكشفت عنه وأوعيت فيه ذكر دولهم المضطربة، وسياساتهم المنفرة، وأسباب كبار الأمراء المنتزين في البلاد عليهم، وسبب انتقاض دولهم، حال فحال بأيديهم، ومشهور سيرتهم وأخبارهم، وما جرى في مددهم وأعصارهم، من الحروب والطوائل، والوقائع والملاحم؛ إلى ذكر مقاتل الأعلام والفرسان، ووفاة العلماء والأشراف، حسب ما انتهت إليه معرفتي، ونالته طاقتي.

وكنت اعتقدت الاستئثار به لنفسي، وخبأه لولدي، والضن بفوائده الجمة على من تنكب إحمادي به إلى ذمي ومنقضتي، طويت على ذلك كشحاً، وأوجبته عزماً، إلى أن رأيت زفافه إلى ذي خطبة سنية أتتني على بعد الدار، أكرم خاطب وأسنى ذي همة، الأمير المؤثل الإمارة المأمون ذي المجدين، الكريم الطرفين، يحيى بن ذي النون.

وفي فصل له من أخرى، صدرها:

يا مولاي وسيدي، قحطاني زمانه، وغلاب أقرانه، المتوقي في ملكه من ضر اعتماده عليه، ومن هنأه الله جليل الفتح له، وعلى رعيته به، ولا ألهاه طمحان السرور بجلالته عن تحقيق التواضع لمولاه، وإخلاص الخشوع لوجهه، والعياذ بعصمته، من إقراف ما جر مثله على مقترفه، وسؤاله تسويغه إياه، بالنخل له، والفوز بجميل عافيته، بمنه.

وله من رقعة خاطب بها ابن عباد بظهوره على ابن ذي النون:

لو أن فتحاً اعتلى عن تهنئة ممنوحة بارتفاع قدر، أو جلالة صنع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015