المقدرة تأديباً لكم، لشربت دماءكم سباع الكماة، وأكلت لحومكم ضباع الفلاة. وقد أعطيناكم بتأميننا إياكم عهد الله تعالى وذمته، ونحن لا نخفرهما أيام حياتنا إلا أن تكون لكم كرة، ولغدرتكم ضرة، فيومئذٍ لا إعذار لكم ولا إقصار عنكم، حتى تحصدك ظباة السيوف، وتقتضي ديون أنفسكم غرماء الحتوف.

وفي العتاب: أظلم لي جو صفائك، وتوعرت علي أرض إخائك، وأراك جلد الضمير على العتاب، غير ناقع الغلة من الجفاء. فليت شعري ما الذي أقسى مهجة ذلك الود، وأذوى زهرة ذلك العهد - عهدي بك وصلتنا تفرق من اسم القطيعة، ومودتنا تسمو عن صفة العتاب ونسبة الجفاء؛ واليوم هي آنس بذلك من الرضيع بالثدي، والخليع بالكأس. وهذه ثغرة إن لم تحرسها المراجعة، وتذك فيها عيون الاستبصار، توجهت منها الحيل على هدم ما بنيناه، ونقض ما اقتنينا، وتلك ناعية الصفاء، والصارخة بموت الإخاء.

لا أستبد - أعزك الله - من الكتاب إليك، وإن زعم أنف القلم، وانزوت أحشاء القرطاس، وأخرس فم الفكر، فلم يبق في أحدها إسعاد لي على مكاتبتك، ولا بشاشة عند محاولة مخاطبتك، لقوارص عتابك، وقوارع ملامك، التي قد أكلت أقلامك، وأعضت كتبك، وأضجرت رسلك. وضميري طاوٍ لم يطعم تجنباً عليك، ونفسي وادعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015