ونعتبر بالنظر في أمرك، فمهدنا لك الترغيب لتأنس إليه، وظللنا لك الترهيب لتفرق منه، فإن سوت الحالتان طبعك، وداوى الثقاف والنار عودك، فدلك بفضل الله عليك، وبإظهاره حسن السياسة فيك؛ وأمان الله لك مبسوط منا، ومواثيقه بالوفاء لك معقودة علينا، وأنت إلى جهتك مصروف، وبعفونا والعافية منا منكوف، إلا أن تطيش الصنعية عندك، فتخلع الربقة وتمرق من الطاعة، فلسنا بأول من بغى عليه، ولست بأول من بدت لنا مقاتله من أشكالك إن بغيت، وانفتحت لنا أبواب استئصاله من أمثالك إن طلبت.
أمان غريب الصنعة: أما بعد، فإنكم سألتم الأمان أوان تلمظت السيوف إليكم، وحاولت المنايا عليكم، وهمت حظائر الخذلان أن تفرج لنا عنكم، وأيدي العصيان أن تتحفنا بكم. ولو كلنا لكم بصاعكم، ولم نرع فيكم ذمة اصطناعكم، لضاق عنكم ملبس الغفران، ولم ينسدل عليكم ستر الأمان. ولكنا علمنا أن كهولكم الخلوف عنكم، وذوي أسنانكم المعاصين لكم، ممن يهاب وسم الخلعانن ويخاف سطو السلطان، وأنهم لا يراسلونكم في ميدان معصية، ولا يزاحمونكم منهل حيرة، ولا يماشونكم إلى موقف وداع نعمة. ولولا تحرجنا أن نقطع أعضادهم بكم، ورجاؤنا أن يكون العفو على