في علته التي مات منها: تركته يأمر وينهى، فلما استفهم قال: يأمر بالوصية وينهى عن البكاء.

وأهدي علي بن هشام إلى المأمون جاريةً اسمها " صرف " حين أحس بتغيره عليه، وأمرخا أن تكتب إليه بما عسى أن تحس به من ذلك إليه؛ فوقف يوماً بين يديه فسقطت منه رقعة، فأخذها المأمون فإذا فيها: " يا موسى، يا موسى " ليس شيء غير ذلك. فقال المأمون لجلسائه: أيكم يعلم إيماء هذه الرقعة - فكلهم قال: لا أدري. فقال: هذه كتبت من قصري، تخوف هذا الرجل بادرتي، أراد كاتبها قوله تعالى: {يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك} ثم حذف إخفاء، وكرر توكيداً. فبحث عن أمر الرقعة فإذا هي لصرف.

ومن مليح فطنة المأمون أيضاً - وله بهذا الباب بعض تعلق - أنه جلس يوماً في بعض مجالس أنسه، وفي المجلس عريب المأمونية، وأحمد ابن محمد بن حمدون الذي كان يهواها، فأومأ إليها بقبلة، فاندفعت تغني بيت النابغة الجعدي:

رمى ضرع نابٍ فاستمر بطعنةٍ ... كحاشية البرد اليماني المسهم فقال المأمون: من أومأ إلى عريب بقبلة - فوجم الحاضرون، فعزم عليهم ليخبروه. فقال أبو عيسى أخوه: لا تظلم الناس؛ من يجترئ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015