أشار منذر وخيران بإدناء المحلة إلى قرب حومة القتال. فلما زحزحت صنهاجة من موضعها اضطرب العسكر، وشد البرابر شدة منكرة، فانحاز منذر وخيران لأول وقتهما وانهزما على وجوههما، فلم يك للناس ثبات بعدهما، فاستمرت بهم الهزيمة حسبما تقدم.
وأخبر عن منذر أنه الذي ورط المرتضى وحلفاءه، وأقحمهم أوعاراً صعبةً حتى أنزلوهم فوق رؤوس صنهاجة في الجبل المطل عليهم. ولما شرع في قتالهم بان لمنذر جد الموالي، ولم يشك في ظهورهم فحسدهم وتحيل لهم بما فل حدهم. وكان بلغه أيضاً عن زاوي أنه لا يشك في الغلبة فتداركه بكتاب يثنيه به عن حربه، فتراجعت نفس زاوي وطمع في النجاة فلذلك ما جد في القتال.
ولهول ما عاينه زاوي من اقتدار أهل الأندلس في تلك الحرب وجعجاعهم به، وإشرافهم على التغلب عليه، ما هان سلطانه عنده بالأندلس وعزم على الخروج عنها نظراً في عاقبة أمره، ودعا جماعة قومه مستنصحاً فعصوه في ذلك، لظنهم بطيب معيشتهم بالأندلس، فلم يثنه ذلك عن عزمه، وركب هو البحر بماله وأهله فلحق بإفريقية وطنه. فكان من أغرب الأخبار في تلك الدولة الحمودية انزعاج ذلك الشيخ الباقعة زاوي ابن زيري عن سلطانه، ولفظه لما كان يلوكه من فلذة كبد الأندلس