أرض ألبيرة، بأثر الفتح العظيم الذي أتيح له على المرتضى ومن كان معه من عساكر أهل الأندلس. فأخذ في عبور البحر حين صفا العيش واخضر عوده، ووقم العدو وفل غربه، فصمم في الرحيل بعد أن استأذن صاحب إفريقية يومئذ المعز بن باديس ابن عمه، في ذلك، فأذن له، وحرص جميع بني عمه بالقيروان على رجوعه لهم لحال سنه، وتعريهم يومئذ عن مثيله من مشيختهم لمهلك جميع إخوتهم، وحصوله هو قعدد بني مناد، الغريب شأنه، في ألا يحتجب عنه من نسائهم زهاء ألف امرأة في ذلك الوقت، هن - زعموا - محرم له بنات إخوته وبناتهن وبني بنيهن. فرحل عن الأندلس سنة عشر وأربعمائة، واستقلت به سفنه من مرسى المنكب، وفي شحنتها من ذخائر الأندلس ما يفوت الإحصاء كثرة لعظيم ما خمسه أيام الفتنة. فاجتمع شمله بالقيروان، وأقره المعز في دولته وكنفه. إلا أنه لم يؤثره ولا أناف بمحله ولا قلده ولا واحدا من ولده شيئا من عمله بل وكلهم إلى سحتهم.

قال ابن حيان: وحدثت عن السبب المزعج كان لزاوي يومئذ في ارتحاله، وذلك أنه لما انهزم المرتضى قال زاوي لقومه: كيف رأيتم ما قد خلصنا منه - قالوا: عظيما، قال: فلا تتناسوه وتغالطوا أنفسكم بعده، إن انهزام من رأيتموه لم يكن من قوة منا. إنما جره مع القضاء غدر ملوكهم لسلطانهم ليهلكوه كما فعلوا، فإني عرفت ذلك من يوم نزولهم، ولذلك ما كنت أقوي نفوسكم، وقد نجانا الله منهم برحمته، ومضى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015