يريم موقفه. فصاح به: النجاة يا ابن الفاعلة، فلست أقف عليك؛ فقال له سليمان: جئت والله بها صلعاء، وفضحت أهل الأندلس! ثم انقلع وراءه ببقية عسكره، وانقلع أيضاً خيران برجاله. وصبر الموالي العامريون قليلاً حول صاحبهم المرتضى، على أحر من جمر الغضا، وهو مع جبنه حسن الثبات، حتى استحر القتل في أصحابه، وصرع كثير منهم حوله، فانكشفوا عنه، وخاف أن يقبض عليه فولى، فوضع عليه خيران عيوناً لئلا يخفى أثره، فلحقوه بقرب وادي آش وقد أمن على نفسه، فهجموا عليه وقتلوه، وجاءوا برأسه إلى خيران ومنذر، وقد لحقا بالمرية، فتحدث الناس أنهما اصطحبا على رأسه سروراً بمهلكه، وتناولاه من الذكر عبثاً بما لم يكن له أهلاً له، وجعلا يقولان: يا أحيمق قم فاعرض جندك؛ كلمة تحدث بها عنهما جرأة على الله ونكثاً لعهوده. ففقد المرتضى على هذه السبيل، ونجا من تلك الملحمة أخوه أبو بكر ابن هشام، ولحق بالموالي العامريين فزهدوا فيه، فاستقر عند ابن القاسم صاحب حصن البونت، وكان شيعة المروانية على سوء ما أسلفوه في سلفه، فأجاره وضيفه، ولم يزل مقيماً عنده إلى أن كان من تقديمه للخلافة ما كان.
قال ابن حيان: فحل بهذه الوقعة على جماعة من الأندلس مصيبة سوداء أنست ما قبلها، ولم يجتمع لهم على البربر جمع بعد، وأقروا بالإدبار، وباءوا بالصغار.
وورد على القاسم بقرطبة كتاب زاوي بشرحها مع نصيبه من الغنيمة