{قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون} السورة، لا تزده، فلما بلغت المرتضى أعاد إليه كتاب وعيد، فلما قرئ على زاوي قال: ردوا عليه {ألهاكم التكاثر} إلى آخرها لم يزده حرفاً. فازداد المرتضى غيظاً، ويئس منه، وناشبه القتال ودنا إليه في تعبئة محكمة، وكراديس منتظمة، فاقتتلوا أياماً إلى أن أنهزم الأندلسيون، وطاروا على وجوههم، مسلموهم وإفرنجهم، لا يلوي أحد على أحد، والخيل تطردهم في تلك المضايق، وصرع المرتضى في ضنك ذلك المأزق، ووقع البرابرة من نهب محلة المرتضى على ما كفاء له اتساعاً وكثرة - ظل الفارس منهم يجيء من اتباعه المنهزمين، ومعه العشرة الأبغل فما دون ذلك موقرةً بفاخر النهب، ورفيع الشارة والحلية، وحيزت فساطيط أولئك الأمراء ومضارب الرؤساء الذين كانوا في جميع ذلك المعسكر المخذول، يتباهون بالقوة والشارة، بجميع ما فيها. وسبق سلطانهم زاوي إلى سرادق الحائن المرتضى، فحازه بما حواه مما كان الأمراء قد جمعوا له وجملوه به. وكان أمراؤه والوجوه من أهله قد تنازعوا بالبشارة، وجاءوا مجيء من لا يشك في الظفر، فساقوا مع أنفسهم رفيع الحلية كي يتباهوا بذلك إذا دخلوا قرطبة، حتى إن كثيراً من جاليتها والتجار المتجهزين منهم ومن سواهم اغتروا بذلك العسكر الخاوي فصحبوه مبادرين ميسرة الفتح، وسعة الربح، فخابوا وحاق البغي بهم، وخسروا أموالهم.
وأول من انهزم من ذلك العسكر منذر بن يحيى وخيران الصقلبي، وكان منذر قد أوقع في نفوس مدده من رجال الإفرنجة الذعر من غدر الموالي العامريين، فشغل بذلك بالهم. فلما انهزم لم يعرفوا السر، وأجفل منذر في أصحابه الثغريين، فمر بسليمان بن هود صاحبه وهو مثبت للإفرنجة لا