تقدم خيران إليها بزعمه ... ليدرك ما قد فاته من ذحوله
فلما التقى الجمعان عاود رأيه ... فخلى لبعض الهول جل فضوله
وولى وأبقى منذراً من ورائه ... يقيم لأهل الغدر عذر نكوله @ذكر الخبر عن مقتل الأمير المرتضى المذكور
قال ابن حيان: كان عبد الرحمن بن محمد من ولد الناصر لدين الله قد نصب خليفةً بشرقي الأندلس، وسمي المرتضى، فزحف بمن تألف معه من الموالي العامريين وغيرهم إلى غزو البرابرة المنتزين بقرطبة وأعمالها، وأميرها يومئذ القاسم بن حمود، وعقدوا مع المرتضى على غزو قرطبة، فخرجوا بجملتهم سنة تسع وأربعمائة، فعرجوا به في طريقهم إلى غرناطة ليبدأوا بحرب ذلك الفريق من صنهاجة لما ارتأوه من الغدر بسلطانهم، فأوبقوا الجماعة وأحلوا بها الفاقرة، على أيدي البرابرة، ورسا بتلك الوقعة ملك الحمودية، وإذا قضى الله أمراً سبب له أسباباً، فجاءوا معهم، في جملتهم منذر التجيبي وخيران الصقلبي وقطعة من خيل الإفرنجة. ولما حلوا غرناطة وأميرها يومئذ زاوي بن زيري بن مناد، ارتاعت صنهاجة واعصوصبوا بأميرهم زاوي كبش الحروب، فأحكم لهم التدبير، والدولة تسعده، والمقدار ينجده؛ وحملت عنه في تلك الرحوب حكايات بديعة: منها أن المرتضى لما نازله خاطبه بكتابٍ يدعوه فيه إلى طاعته، ومسح أعطافه، وأجمل موعده. فلما قرئ على زاوي قال لكاتبه: اكتب على ظهر رقعته: