وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصبحينا وما أعلم أنهم يدلون بوسيلة لا أشاركهم فيها، ولا يمتون بذريعة ينفردون دوني بها
هو الجد حتى تفضل العين أختها ... وحتى يكون اليوم لليوم سيدا فإن كانت مسامحتهم لسابقة سلفت فقد أحرزت منها الحظ الأعلى، أو لكمال أدب فقد ضربت فيه بالقدح المعلى، أو للطف تودد فما قصرت في الاجتهاد، غير أني حرمت التوفيق
والأمر لله، رب مجتهدٍ ... ما خاب إلا لأنه جاهد
فإن كان ذنبي أن أحسن مطلبي ... أساء ففي سوء القضاء لي العذر والله لقد أظهرت مدحه، وأضمرت نصحه، وتممت على الصياغة له، وجريت ملء العنان إلى الاعتلاق به، أسقيه السائغ من مياه ودي، وأكسوه السابغ من برود حمدي، وأجنيه الغض من ثمرات شكري، وأهدي إليه العطر من نفحات ذكري، لا يفيدني التحبب إليه إلا ضياعاً لديه، ولا يزيدني التقرب منه إلا بعداً عنه:
كأني أستدني به ابن حنيةٍ ... إذا النزع أدناه من الصدر أبعدا والذي أحبه منك، وأثق في المسارعة إليه بك، لقاؤه مجارياً ذكري، مفاوضاً في أمري، معلماً له بما لا يذهب عنه من أن الذي اخترته لنفسي غاية ما يسيء القرونة، ويساء المولى منه، فالجلاء أخ القتل، والغربة أحد السبائين، قال الله تعالى: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم} (النساء: 66) ، وقال الشاعر:
ومن يغترب عن داره لا يرى ... مصارع مظلوم مجراً ومسحبا