لا عار ولا في الفرار فقد ... فر نبي الهدى إلى الغار ونظرت في مفارقة الوطن، والبين عن الأحبة، فتبين لي أن إيحاش نفسي، بإيناس أهلي، وقطعها في صلة وطني، غبن في الرأي، وخور في العزم، ووجدت الحر ينام على الثكل، ولا ينام على الذل، وأذنت إلى قولهم: ليس بينك وبين البلاد نسب فخيرها ما حملك.
وإذا نبابك مبزل فتحول ...
وقال بعض المحدثين:
أرى الناس أحدوثةً ... فكوني حديثاً حسن
كأن لم يزل ما أتى ... وما قد قضى لم يكن
إذا وطن رابني ... فكل مكان وطن ولم أستغرب أن أسام مثل هذا الخسف في مسقط رأسي، ومعق تمائمي، وأول أرض مس ترابها جلدي، فقديماً ضاع المرء الفاضل في وطنه، وكسد العلق الغبيط في معدته؛ قال بعضهم:
أضيع في معشري وكم بلد ... يعد عود الكباء من حطبه فاستخرت الله عز وجل، واضح العذر، ثابت قدم الحجة، عند من غض عين الهوى، وخزن لسان التعسف. والله يصيب غرض الصواب برأيي، ويقرب غاية النجاح على سعيي، حسبما في علمه أني مظلوم مبغي عليه، منسوب ما لم آته إليّ، فهو المؤمل بذلك والمرجو له.
ولعمرك يا سيدي إن ساحة العذر لتضيق، وما تكاد تتسع لك في إسلامك لتلميذك وابن جارك وشيخك الذي لم تزل متوفراً عليه، آخذاً عنه، مقتبساً منه، مع إكثارك من ذكر هذا، والاعتداد به، وادعاء الحفظ له. وقد رويت أن حسن العهد