إن لم آت بمدفع، أو أصدع من الحجة بمقنع؛ فاحتاط واجتهد، وتحرى واقتصد، وصالحني من هذه الفتيا على النصف، بتأخير الإعذار، وتقديم السجن، والصلح جائز بين المسلمين؛ ثم أظهرت إليه عقداً كان المتوفي - قدس الله روحه ونور ضريحه - قد أشهد فيه أن لا مال له، وأن جميع ما تحيط به الدار التي توفي بعيد هذا الإشهاد فيها إنما هو للغانية التي في عصمته حاشا دقائق بينها، ومحقرات عينها، ومعلوم أن من أشهد بهذا على نفسه، وتقيد إلى مثله من لفظه، فمحال أن يخلف عهداً، أو يهلك عن وصية. وسألته الشورى فيما أثبته من هذا العقد، فلم يجبني إلى ذلك. ولو لم تكن الشورى من أدب الله إذ يقول: {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله} (آل عمران: 159) لوجب أن يعلم أنها لقاح العقل، ورائد الصواب، وأن للمشاور إحدى الحسنيين: صواباً يفوز بمحمدته، أو خطأ يشارك في مذمته، قال الشاعر:

ولا تجعل الشورى عليك غضاضة ... فإن الخوافي عدة للقوادم قد قرعت له العصا، ونبه على الذي دعوته إليه، لا يسوغ لي دفعه عنه، ولا يجوز منعي منه، فحينئذ عللني بمواعيد

كانت مواعيد عرقوب لها مثلاً ... إذا قطعن علماً بدا علم ... وكان آخرها الذي نسخ به ما قبله أن تدرج الشورى إلى إبقاء الشورى للورثة، فشويت أرقب هذا الحين وأرجو أن يحين،

كما يرجو أخو السنة الربيعا ... كما في بطون الحاملات رجاء ...

فكانت وإياه سحابة ممحلٍ ... رجاها فلما جاوزته استهلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015