لإجازته إلا بالاستجارة، ولا يطمع لها في قبوله إلا مع المسامحة، فلو كنت الوليد بن عبيد براعة نظم، وجعفر بن يحيى بلاغة نثر، وإبراهيم بن المهدي طيب مجالسة، وإمتاع مشاهدة، ثم حضرت بساطه العالي، لما كنت مع سعة إحاطته إلا في جانب التقصير، وتحت عهدة النقصان، غير أنه لم يعدم مني نجابة غرس اليد، وإصابة طريق المصنع، من ولاية أخلصها، ونصيحة أمحضها، وشكر أجنيه الغض من زهراته، وثناء أهدي إليه العطر من نفحاته، ففوضت إليك هذه السفارة، واعتمدتك بتكليف النيابة، لوجوه: منها حظوتك لديه، ومواتك إليه، سوغك الله الموهبة في ذلك، وأنهضك بأعباء الشكر لها، ومنها سرو مذهبك، وكرم سجيتك، وصحة مشاركتك، لمن لم يستوجبها استيجابي، ولا استدعاها بمثل أسبابي، من تداني الجدار، وتصافي السلف، والانتماء إلى أسرة الأدب. فإن وافقت السانحة الإرادة، فحظ أقبل، وعبد بلغ من قبول سيده ما أمل، ولم أقل: " عمرك الله " كما قيل في النجمين، بل قلت: " وقد يجمع الله الشتيتين "، وإن عاق حرمان عادته أن يعوق عن الظفر ويعترض دون الأمل، فأعلمه - أيده الله - أني في حالي العطلة مع غيره والتصرف، ويومي الإيطان والتوف، كالمهتدي بالنجم حين عدم ذكاء، ومتيمم الصعيد إذ لم يجد الماء:
فإن أغش قوماً غيره أو أزرهم ... فكالوحش يدنيه من الأنس المحل