وفي فصل من أخرى:
وحضر فلان، وعليه من نعمته آثار قد حلت عطله، وسدت خلله، وظهر في زي يكبت كل عذولٍ وشامت، وينطق بالمنة عنه وهو صامت، وقد سير من ذلك ما سير غوراً ونجداً، ونظم في ترائب الأيام منها عقداً، ولا زالت مننه لذوي الآداب قاطرة، وعراصه بلطائم الثناء عاطرة، يتغاير النثر والنظم على مدائحه، وتفيض على العافين غروب مواهبه ومنائحه. ولما اعتزم العودة إلى ذلك الظل المديد، والعيش الرغيد، زودته هذه الرقعة مستدعياً له الزيادة من كرم العادة، والحظوظ السنية المستفادة.
ومن أخرى:
أنبئت - أطال الله بقاء مولاي - بشيءٍ أنا فيه مكذب ومصدق، ومدافع ومحقق، واحتجت بحكم ذلك إلى مطالعته، وعلم كنه حالته (?) ،
فالخل كالماء يبدي لي ضمائره مع الصفاء ويخفيها مع الكدر
عرفت أن هذا الراقص البغدادي قد رفض مودته خلفا، وسلك به من الخلافة (?) عسفا، فوصله وهجر ديوانه، وأرضاه وأسخط خلانه، واستبذل فيه مصوناً من قدره، واستذل عزيزاً من تأتيه وبره، وصار يهب النفس بلمسةٍ [من] إهابه، وجميع سقي النيل برشفةٍ من رضابه، وينشد إذا تراكضت خيول اللهو واللعب، وغلظ عليه قول الملاحي المؤنب:
غزال تمتعت في قربه ونازعني الكاس حتى غلب
إذا ما تنفس في نومه تنفس عن مثل ما قدر شرب