وكفران النعم، وأقول ما يجب أن يفهم: ألم تصلوا إلى هذه البلاد فتعرفوا (?) بها العيش الوحشي، وتحلوا فيها محل الغريب اجنبي، وتعيشوا عيش الغرثان الخميص، وتخطفكم العرب تخطف الأجدل للقنيص، فجمعت الحضرة شتيتكم، ووصلت مبتوتكم، فليت شعري ما الذي سولته لكم أوهامكم، وحدثتكم به أحلامكم -! وإيم الله لئن انقلبتم على الجناب الناصري، وانحرفتم عن اللواء الحمداني، لتصبحن أكلة للعرب، يحطون أعلامكم، ويزلزلون أقدامكم، ويحمونكم ورود الماء المباح، ويمنعونكم حلاوة النعم المراح، فراجعوا حلومكم العازبة، وتجافوا عن ذنوبكم اللازبة، وارجعوا (?) إلى من أمتد عليكم ظله والزمن هجير، وصفا لكم ورده والعيش كدير، فلو قد فارقتم جنابه الفسيح لتفرقتم في الأرض شيعاً، ونبت لكم مقراً ومضجعاً، وعثرتم عثرة لا يقال لها [لعا] ، وقد قلت ونصحت، وبينت وأوضحت، وسلكت مسلك الحدب الشفيق، وبقي أن يمنح الله حسن التوفيق.
ومن أخرى:
ما اعتمده سيدنا بالأمس مع عبده من الإكرام خارق للقضية العادلة (?) ومحسوب في الأوضاع الحائلة، وذلك أن كان مما [لا] يرفع الصيت ويبعده، ويعلي الجد ويسعده، ويشجي الحاسد ويغصه، ويهيض جناح العدو / [187] ويقصه، فإن الرضى به [يعد] إفصاحاً بالفهم القليل (?) ، ونكوباً عن محجة التحصيل، وما إخال سيدنا يرضى لعبده بالدخول في هذا الحيز، والخروج عن سمة المحقق المميز، وليس يحب - وإن اشتهر بالعلم شغفه، وزاد [على] ذوي الآداب حنوه وتعطفه - أن يشيم لهم حده، ويهضم علاه وجهده (?) ، فإن استهام بحب المآثر