إذا أمرته مرة من حفاظه بسوءٍ نهاه خلقه البارد العذب

فما الذي أعاد فلقه غاسقاً، وصريحه ماذقاً، فإن يك عن ملل (?) فؤاده، وتشعب وداده:

فكم أخٍ غيره يومي ال - مقبل عن أمسي به الذاهب

مل فلم يعطف لحب الصبا ال - حاني ولا حق العلا الواجب

واستقرت الوزارة لبعض أصحابه ثم توقف الأمر بعد فيها فكتب إليه: الخيرة - أطال الله بقاء سيدنا - تجيء من غير الأمر المختار، و [هي] مخبوءة تحت أستار الأقدار، فكم سبب اجتمعت فيه شوارد الآمال، ولبس ظاهره مسحة من الجمال، كان المكروه منظوماً في تاجه، منطوياً في أثنائه وأدراجه، وآخر ظهر للناس بلونٍ شاحب، ووجهٍ قاطب، كان ضامناً لابتسام الزمن، وكافلاً بالأجمل الأحسن، وبهذا أدب تعالى عباده، وقال في الكتاب المكنون (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) (البقرة: 216) فلمح أبو عبادة هذا الأسلوب فقال في معناه (?) :

والشيء تمنعه يكون بفوته (?) أحظى (?) من الشيء الذي تعطاه

وإذا تصفحت الأمور بعين البصيرة، ونظرت بالخواطر المستنيرة، ونفذت بالألباب الصيرفية لا الزائفية، علم أن هذه الرتبة زليقة الصراط، سريعة الانحطاط، يعلو الإنسان صهوتها ثم هو بعد راجل، ويتحلى بها وقتاً ثم هو مسلوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015