والآن فقد أوضعت وأوجفت، وتألفت مولاي واستعطفت، فإن عادت ظلال وده مديدة، وحبال كرمه محصوفة (?) جديدة، فحسن بتلك الشمائل، أن تجمع شمل الفضائل؛ وإن تمادى على هذه الهجرة، ولم يصح من نشوات تلك السكرة.

فما ذاك من ذنبٍ علي اجترمته إليه فيجزيني به حيث أعلم

ولكن إنساناً إذا مل صاحباً وحاول صرماً لم يزل يتجرم

والله جلت قدرته يجعل حفظ المودة عنده أوجب الحقين، وأنفع العلقين، ويرفعه عن السمة بنقض المرائر، وحلية الجائر الغادر.

وسافر بعض إخوانه فشغل عن وداعه فكتب إليه: ما أخرني عن خدمة مولاي بالوداع أني متأخر في حلبة ولائه، ولا عارٍ من ملابس إخائه وآلائه، ولوددت لو صحبت ركابه السعيد إلى الصعيد، وقطعت معه عرض المهمة البعيد، وزودت من مجاورته قلباً معموراً بوده، ومن مشاهدته طرفاً لا صبر له من بعده، وإنما حجزني أمران كل منهما يمهد العذر ويبسطه، [ويمحو] (?) الذنب ويحبطه، وهو شغلي في إنشاء التقليد [العلي] (?) وتحريره، وفعل ما أمرت به الحضرة السامية وتقريره، ثم خوفي أن أرى مولاي وقد حل انطلاقه، وأسمع [أن قد حان فراقه] ، ونعق غراب بينه فقض أضلعاً، وأفاض نفوساً وأدمعاً، فضعفت عن مشاهدة ذلك المقام، وقصرت [عن تحمل ذلك] الداء العقام، وظللت أنشد، والدموع همع، والفؤاد مصدع:

وأخرني (?) يوم انطلاقك أن أرى على جمرات البين [قلبي يلذع]

فؤاد إذا قيل الفراق تساقطت خفوقاً أواخي صبره (?) تتقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015