حرك قلبي فطار صولج لام العذار
أسود كالليل في أبيض مثل النهار
فصل في ذكر الأديب الكامل أبي علي بن رشيق المسيلي (?)
وسياقة طرف من غرائب أشعاره، وعجائب أخباره
بلغني أنه ولد بالمسيلة وتأدب بها قليلاً ثم ارتحل إلى القيروان سنة ست وأربعمائة، وكان أبو علي ربوةً لا يبلغها الماء، وغاية لا ينالها الشد والإرخاء (?) ، محله من العلم، محل الصواب من الحكم، واقتداره على النثر والنظم، اقتدار الوتر على السهم، إن نظم طاف الأدب واستلم، أو نثر هلل العلم وكبر، أو نقد سعى الطبع الصقيل وحفد، أو كتب سجد القلم الضئيل واقترب، ولم يكن لأهل أفريقية قديماً في الأدب نبع ولا غرب، ولا من لسان العرب ورد ولا قرب، يدل على ذلك ما وصف به أبو علي البغدادي أهل القيروان، وقد أثبته في موضعه من صدر هذا الديوان (?) . ورأيت ديواناً مجموعاً في أشعار قدماء أهل أفريقية هو بالبكم أشبه، وفي لسان العجم أنوه وأنبه، هذا وأجنادها على قدم الدهر العرب العاربة، وقوادها الأغالبة والمهالية، فلما زال ملكها عن أيدي العرب، تدفقت بها بحور الأدب، وطلعت منها نجوم الكتب، ورمت أقاصي البلاد، بمثل ذرى الأطواد، وسمعنا بزهر الآداب، وأنموذج الشعر اللباب، وبفلان وفلان، من كل فارس ميدان، وبحر