بهائم لا تصغي إلى شدو معبدٍ فأما على جافي الحداء فتطرب
قد تعود لي الألسن بالسباب، وغمز على الأصحاب، واستعمل الملق والكذاب، فهو بين جاهل متغافل، قد حشي قلبه ريناً، وملئ لسانه ميناً، وبين من سمائم نمائمه تلذع، وعقارب مكايده تلسع، وبين معجب متصلف، باردٍ متكلف، لا يرى سيبويه كان على شيء، كما لا يرى الكسائي قبله (?) :
وإذا ما تذاكر الناس معنى من شهير الأشعار والمجهول
قال هذا لنا ونحن كشفنا عنه للمستدل والمسؤول (?)
فهو كما قال الخوارزمي: قد أسكرته خمرة الكبر، واستهوته غرة التيه، فخيل إليه أن كسرى حامل غاشيته، وقارون وكيل نفقته، وبلقيس إحدى داياته، وأن الشمس تطلع من جبينه، والغمام يندى من عينه، فهو يرى ببصر جهله لا ببصيرة عقله، وأن امرأ القيس ما بكى بالديار وعرصاتها، ولا اغتدى والطير في وكناتها، ولا أحسن تقصيد القصائد، وتقييد الأوابد، وأن زياداً (?) لم توقد باليفاع ناره، ولا أعتب النعمان اعتذاره، وأن شعره لم يرق حتى يقال: الماء أو أسلس، ويجزل حتى يقال: الصخر أو أملس، وأن زهيراً كان متعاظل الكلام، متداخل الأقسام، غير مطبقٍ للمفاصل، ولا مصيبٍ للشواكل، وأما طبقات المخضرمين من الإسلاميين فلا يضربون إليه بقدح، ولا يفوزون عنده بنجحٍ.
فلو أتيناه بمستطرفٍ من مبدعات الهزل والجد
أرق من دمعة مهجورة مرهاء تمريها يد البعد
لو قرعت سمع يزيدٍ سلا بحسن ما يسمع عن هند (?)