وقد (?) ألفت الكتب في تفسيره وجلاء (?) مشكله وعويصه، وكسرت الدفاتر على ذكر جيده ورديئه، وتكلم الأفاضل في الوساطة بينه وبين خصومه، والإفصاح عن أبكار كلامه وعونه، وتفرقوا في مدحه وذمه، والقدح فيه والتعصب له وعليه، وذلك أدل دليلٍ على وفور فضله، وتقدم قدمه، وتفرده على أهل زمانه، بملك رقاب القوافي ورق المعاني، والكامل من عدت سقطاته، والسعيد من حسبت هفواته.
واتخذ (?) الليل جملاً وفارق بغداد متوجهاً إلى ابن العميد، ومراغماً للمهلبي، فورد أرجان فطمع الصاحب في زيارته بأصبهان، وإجرائه مجرى مقصوديه من رؤساء الزمان، وهو إذ ذاك شاب وحاله حويلة، ولم يكن استوزر بعد، فكتب يلاطفه في استدعائه، فلم يقم له المتنبي وزناً، ولا أجابه عن كتابه، وقصد عضد الدولة، فأسفرت سفرته عن بلوغ الأمنية، وورد مشرع المنية، واتخذه الصاحب غرضاً يرشقه بسهام الوقيعة، ويتتبع سقطاته في شعره وهفواته، وينعى عليه سيئاته، وهو أعرف الناس بمحاسنه، وأكثرهم استعمالاً إياها في مخاطباته.
وخطأ (?) المتنبي في اللفظ والمعنى كثير، ويتبع الفقرة الغراء بالكلمة العوراء، ويفتتح (?) بذلك شعره، وما أكثر ما يحوم حول هذه الطريقة، ويعود لهذه العادة السيئة ويجمع بين البديع النادر والضعيف الساقط، فبينا هو يصوغ أفخر حلي، وينظم أحسن عقد، وينسج أنفس وشي، ويختال في حديقة ورد، إذا به قد رمى بالبيت والبيتين في إبعاد الاستعار وتعويض اللفظ وتعقيد المعنى، فمحا تلك المحاسن وكدر صفاءها وأعقب حلاوتها مرارة لا مساغ لها، واستهدف لسهام العائبين، فمن متمثل بقول الشاعر: