منه عند أهل الصنعة ونقدة الكلام، وكان الصاحب يقول: بدئ الشعر بملك - يعني امرأ القيس - وختم بملك - يعني أبا فراس -.

وأطلت (?) عنان الاختيار في محاسن كل شيء حسن (?) لا سيما رومياته التي رمى بها هدف الإحسان، وأصاب شاكلة الصواب. ولما خرج نير (?) الفضل من سراره، وأطلق أسد الحرب من إساره، لم تطل أيام فرحته، ولم تسمح النوائب بالتجافي عن مهجته، ودلت قصيدة قرأتها للصابي في تأبينه على أنه قتل في وقعة كانت بينه وبين بعض موالي أسرته؛ وما أحسن وأصدق قول أبي الطيب (?) :

فلا تنلك الليالي إن أيديها إذا ضربن كسرن النبع بالغرب

ولا يعن عدواً أنت قاهره فإنهن يصدن الصقر بالخرب

وفي فصل (?) :

كان المتنبي نادرة الفلك، وواسطة عقد الدهر، في صناعة الشعر؛ شاعر سيف الدولة الذي جذب بضبعه، ورفع من قدره، ونفق من سعر شعره، وألقى عليه شعاع سعادته حتى سار ذكره مسير الشمس والقمر، وسافر كلامه في البدو والحضر، وكادت الليالي تنشده، والأيام تحفظه، كما قال (?) :

وما الدهر إلا من رواة قصائدي إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا

فسار به من لا يسير مسامراً وغنى به من لا يغني مغردا / [164]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015