تزاحمت في فؤادي للنوى حرق تزاحم الدمع في أجفان منسجم

ثم انثنيت وفي قلبي لفرقتهم وقع الأسنة في أعقاب منهزم

وكتب يخاطب المستنصر بالله صاحب مصر: حصن الله المؤمنين من الشيطان [بجنن] الطاعة، ودثرهم من قر وسواسه بسرابيل القناعة، ووهبهم من نعمه مدداً ومن توفيقه رشداً، وصيرهم إلى منهج الإسلام وسبيله الأقوم، وجعلهم من الآمنين فيما هم عليه موقوفون، وزينهم بالتثبيت فيما هم عنه مسؤولون (وما ربك بظلام للعبيد) (فصلت: 46) .

كتابي إليك من الجب بازاء مصرك، وفناء برك، بعد أن كانت بغداد لي الوطن، والألفة والسكن؛ ولما كنت على مذهب صحيح، ومتجرٍ ربيح، كثرت علي الخوارج، وشق [على] الماء ارتقاء المناهج، (ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز) (الحج: 40) فأتيت مكة، حرسها الله لكي أقضي فرض الحج، من عج وثج، أسأل الله تعالى القبول، وكيف وإنما يتقبل الله من المتقين؛ وقد كنت عندي ذا سنةٍ ودين، محباً في الله تعالى وفي النبيين، وفي محمد صلى الله عليه وسلم والمهديين، فورد الناطقون، وأتى المخبرون، بخبر ما أنت عليه، فذكروا أنك مدحض لمذهب مالك، موعد / [148] لصاحبه بأليم المهالك، هيهات هيهات (إنك ميت وإنهم ميتون، ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) (الزمر: 30 - 31) فأبيت القبول على أمر لم يصح بيانه لكثرة الكذب في الدنيا، وإذ لا يحل لمسلم أن يموت طوعاً، فأردت الكشف عن ذلك بكتاب منك، والسلام على من اتبع الهدى.

جواب المستنصر بالله: حرس الله مهجتك، وطول مدتك، وقدم أمير المؤمنين إلى المنية قبلك، وخصه بها دونك، ورد كتابك المكرم، وأتى خطابك المعظم، يفصح البكم، وينزل العصم، هبت عليه رياح البلاغة فنمقته، ووكفت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015