من بغداد للوزارة، واستأذن نصر الدولة، فخلى بينه وبين مراده، ولم يجد بداً من إسعاده، ووفاءً بإنجاز ميعاده، فلما برزت قبابه، وكادت تستقل ركابه، خوف نصر الدولة عاقبة مكره، وأشير عليه بالرأي في أمره، فسقاه شربةً كانت آخر زاده، ووفاءً بإنجاز ميعاده وتقدم حين أحس [بالموت] بحمله إلى الكوفة ليدفن في حجرة أعدها هنالك بازاء قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فسير بتابوته مسيرة شهر، بين أيدي الحتوف، وتحت أظلال السيوف، أكرومةً ختم بها مجده، وأحدوثةً أبقاها في الناس خالدةً بعده.

وقد أجريت من نثره الرائقة فصوله، ونظمه المتقنة فروعه وأصوله، ما يعطر الزهر شذاه، ويروق النجوم الزهر مرآه.

فصل من رسائله

لما دخل البطيحة وبها أبو القاسم هبة الله بن عيسى (?) [وزير] مهذب الدولة، وكان من أفاضل أهل وقته، فدخل إلى ابن المغربي رجل يعرف بسليمان ابن الربيع، وسلم إليه قصيدة قد بنيت على السؤال عن ألفاظ من اللغة على جهة الامتحان لمعرفته، فلما وقف عليها امتعض في الحال، وأحفظه ما لقي من التعدي والسؤال، ونسب ذلك إلى فعل أبي القاسم وزير مهذب الدولة البطيحي، فكتب عقب الوقوف (?) على ذلك لوقته جواباً أثبت بعض فصوله، لطوله، بعد هذه الأبيات المذكورة:

يا أفضل الأدباء قو - لاً لا تعارضه الشكوك

لا العلم ناءٍ من حجا - ك إذا نطقت ولا فروك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015