الدولة بن ركن الدولة أبي علي، فتبحبح ذروتها، واقتعد لوقته صهوتها، فانتظمت له الأيام، وحمد على يديه النقض والإبرام، وبلغ الحال التي تصغر عنها النعم، وتقصر دونها الهمم، ثم إن أبا علي أوقع بمن كان يتهمه من الأتراك، وكان قد نهاه الوزير، وأشار عليه بما يقتضي التدبير، فأبى إلا ركوباً لرأسه، وإدلالاً بنفسه، فاضطرب العسكر اضطراباً اضطرهما جميعاً إلى الهرب، وأفضى بهما إلى استجارة أمير العرب.

حدث تحرير غلامه قال: عهدي بالوزير وهو خارج، وقد لبس ثياباً رثةً، وعلى وجهه منديل قد لفه فيه لئلا يمتاز / [134] من جملة العامة، وقد أقبل علي واستقبلني في الدهليز ينشدني لنفسه في الحال (?) :

تمرست مني العلا بامرئٍ (?) قد علق المجد بأمراسه

يستنجد النجدة من رأيه ويستقل الكثر من باسه (?)

أروع لا يرجع (?) عن تيهه والسيف مسلول على راسه

وقد قيل إن إخراجه الملك معه إنما كانت حاجة في نفسه قضاها، وخطةً من مكره ألزمه إياها، إبقاء على جلالة المقدار، وأنفةً من الانفراد بعيب الفرار، ثم إن أبا علي ثاب سلطانه، وراسله شيعه بالحضرة وأعوانه، فعاد إليها، وأقام أبو القاسم بالموصل وقد كثر أتباعه، وملأ البلاد [عيانه] وسماعه، فأقام بها يسيراً، واستشعر من صاحبه تقصيراً، فاستأذنه في الرجوع إلى ميافارقين، فحلها، وتلقاه نصر الدولة بالاصطناع، وأقطعه صامت الأموال وفاشي الضياع، ثم روسل ثانيةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015