فضربها دنانير، وفرقها على من تبعه من ذؤبان العرب، ثم سار يدعو إليه، ويسفر بينه وبين من عسى أن يأبى عليه، حتى دخل الرملة وصعد منبرها، فالا من غير استفتاح لتحميد ولا صلاةٍ على النبي عليه السلام قول الله تعالى: (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً) وأومأ بيده إلى مصر، يعني الحاكم (يستضعف طائفةً منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين. ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) (القصص: 4) ثم عاد إلى أبي الفتوح المذكور، وهزه لذلك، فألفى سيفه كهاما، وسحابه جهاما، فخرج إلى العراق، ودخل الكوفة متقرباً لسلطانها، ثم خافه وزير قرواش (?) فتقرب إليه بالمال، وأشار عليه بالترحال، فصار إلى ميافارقين، وأميرها يومئذ نصر الدولة أحمد بن مروان الكردي، فتقلد وزارته بعد طول مقام، وبعد مرام، وخلع المرقعة والصوف، ولبس المسك والشفوف، فهتك ستر الحياء، وخلع ربقة الرياء، فصار كمال قال في نفسه، وقد ابتاع غلاماً تركياً كن يهواه، قبل أن يبيعه منه مولاه (?) :
تبدل من مرقعةٍ ونسك بأنواع الممسك والشفوف
وعن له غزال ليس يحوي هواه ولا رضاه بلبس صوف
فعاد أشد ما كان انتهاكاً كذاك الدهر مختلف الصروف
ثم روسل بعد بوزارة الموصل (?) ، فسار إليها، وتقلد لحينه وزارة المستولى عليها، فملك زمامها، وصرف أيامها، ودوخ معالمها وأعلامها، وأتى على ما كان بها من رمق، وجرى من العسف بأعاظم أهلها من أبعد طلق؛ ثم راسلته وزارة بغداد وأميرها يومئذ أبو علي بن سلطان الدولة أبي شجاع بن بهاء الدولة بن عضد