ومن أوابد أخباره، وخالد آثاره، كتابه المترجم ب - " المنخل " في اختصاره " إصلاح المنطق " لابن السكيت (?) ، فإنه غاية لا يتعاطاها إلا من بهر عتقه، واشتهر سبقه، وطريقة لا يتوخاها إلا من رسخت في العلم قدمه، وترامت به إلى معالي الأمور هممه؛ ومما يعجب من أمره، ويرفع الصوت بجلالة قدره (?) : " أنه استظهر القرآن وعدةً من الكتب المجردة في اللغة، ونحو خمسة عشر ألف بيت من مختار الشعر [القديم، ونظم الشعر] وتصرف في النثر، وبلغ من الخط إلى ما يقصر (?) عنه نظراؤه، ومن علم الحساب وجميع الأدوات (?) إلى ما يستقل بدونه الكاتب، وذلك كله قبل استكماله أربع عشرة سنةً، واختصر ذلك الكتاب فتناهى في اختصاره، وأوفى على جميع فوائده، حتى لم يفته شيء من ألفاظه، وغير من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة إلى الاختصار، وجمع كل نوع [إلى] ما يليق به ".
ولما أوقع الحاكم بأبيه وأهل بيته ونذر دمه، خرج من مصر معتقداً لعلو همته ناشداً لضائع ذمته، فأتى مكة فحمل أبا الفتوح (?) على القيام بها، وقرب له ما كان يستبعد من طلبها، وجسره على أخذ ما كان بها من محاريب الفضة والذهب