برد تحدر من متون غمام ... فعاد مبرم حبي لها سحيلا، ولم تسو عندي لذلك فتيلا، وما عجبت كعجبي من وصفكها بقصر الخطا، وتشبيهكها بإبهام القطا، فإن كان نقدك في الشعر ومراميه، واقتضابك لغريب معانيه، بهذه القريحة الصافية، والبصيرة النافذة المتناهية، فقد فت الأولين والآخرين سبقاً، وبرزت على القدماء والمحدثين صدقاً. كيف جاز عليك هذا الغلط وأنت صيرفي الكلام، معنوي النظام، وغيرك بذلك التشبيه كان أليق، وهو به أ " لق، تلك بيضاء قصيرة بزعمك، وهذه سوداء دحداحة بزعمك:

قريبة الأقطار ملمومة ... مغموسة في خضرة جون

لا تخطئ البقة أوصافها ... في النتن والقامة واللون وأما ما عبته من زرقتها - وإن لم تكن كذلك، وكانت الشهلاء في نعتك - فأين أنت من قول القائل:

وأزرق العين فاتر الغنج ... زرقة عينيه آفة المهج

قالوا به زرقة فقلت لهم ... تم بها حسن وجهه البهج

ما زرقة العين مثل كحلتها ... كم بين ياقوتة إلى سبج وفي فصل منها: وهاهنا وقفت وأمسكت، لأن بعض الإخوان أحرقني بنار العتاب، وأخرجني بها عن طبقة الكتاب، وركب في ملامتي راسه، ومد بها إليّ أنفاسه، وأطنب في اللوم وأسهب، وصعد في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015