العتب وصوب، يقول في فصل منها: " وقفت على ما أداك إليه ثرة الفضول، من إيرادك تلك الفصول، التي مسخت جواهرها خزفاً، ولآلئها صدفا، ورأيت تلك النصيحة، إليّ صارت فضيحة، والمحاسن التي عادت قبيحة، وألفاظ العذاب، التي آضت سياط عذاب، وتأدب من عاطيت، وجواب من كاتبت، فتأوهت وتفجعت، وحوقلت واسترجعت، وقلت: أما انتبه من سنة غفلته، وذكر بيتي حكمته، إذ يقول:
إذا ما هديت امرءاً مخطئاً ... أضل السبيل إلى قصده
ولم تلقه سامعاً قابلاً ... فحسن له المشي في ضده ولقد سررت بما أصابك، وابتهجت بما نابكن فعساك يوماً تعرف أخلاق الناس، وتزن أحلامهم بالقسطاس، وتنتقد أحوالهم وأفعالهم، وتختبر ضرائبهم وأشكالهم، فتميز الخبيث من الطيب، وتتجانف من بعد عن الدعابة في خطاب، أو إجابة بكتاب ".
هذه شكيمة كبحني بها هذا الصديق بعد أن جمحت ورمحت، وخطام به بعد أن أرقلت وأوجفت، ولولاه لعرضت أكثر من هذا المتاع، وكلت بأكبر من هذا الصاع.