بصيرتك بعد جلائها، وتسامحت سيادتك بعد إبائها، وظمئت إلى سؤر هذا الجازر، وهو من لبن حازر، أتراها بعد أن اختبرت عرده، وبلت زوجه وفرده، وذاقت صابه وشهده، ورأت كل ما يسرها عنده، تصبر على دقة مسبارك، وترضى ملة خشكارك، وهيهات ما سولت لك الأحلام، والله لو عادت إلى ملكك، ما ملت من فركك، ولا رجعت عن تركك، ولو جعلت السندي لها بسطاً، والثريا في أذنيها قرطا، وصيرت بني حام كلهم لها خولاً، وحشرت عليها كل شيء قبلا، ما كانت لتقبل عليك، ولا لتصرف وجه محبتها إليك.
وفي فصل: وأما ما ذكرت من خليدة التي ادعيت عشقها علي، ونسبت حبها إليّ، فقد أذكرتني الطعن وكنت ناسياً، قد كنت رأيتها في المعرض، وعندي من الارتياح إلى الملاح، ما عند الغصون لهيف الرياح، ومن الشغف في أمثالها إلى اللقيا، ما بالرياض إلى السقيا [114] فرأيت لثامها قد حط عن بدر كمال، وإزارها قد غص بردف ريان، وسرحت طرفي منها في روضة حسن أريضة، وحديقة جمال أنيقة، وأعطيت مولاها فيها السول، وبلغته في ثمنها المأمول، وسألها بعض التجار، عن الدار وعن النجار، فترجمت عن منصبها، وأعربت عن نسبها، بغرائب ألفاظ، عزيز سماع مثلها بسوق عكاظ، مسخت القاف كافا، وردت الأوصاف " أوسافا "، قبحت بذلك الكلام حسنها، ورجمت الأسماع بلغة كأنها: