عنفوه بما فعل، وزينوا له الغدر به وقد رحل. وأتي ابن هود، وقد سار غير بعيد، بكتب طيرها ابن مجاهد إلى عمال تلك المعاقل، يأمرهم بالتحصن والاحتيال، ويحضهم على الجد في القتال. فكر المقتدر، ولم يرع أهل دانية إلا تصهال الخيل، وقد انصبت عليها انصباب السيل بالليل. واضطرب أبنيته بحيث يسمع الحوار، ويحمد الجوار، فاستولى الجزع، وضاق المتسع، وأخرج إليه لحينه ابنه الذي كان قد سماه معز الدولة، ورشحه لجر أذيالها، وعلمه ممايلة ظلالها، فجاء إلى ابن هود مدلا بقديم صهره، عاثراً في إدبار أمره وانقطاع ذكره. من رجل فليل الطبع، ثقيل السمع، ضيق الذرع، قد غذي بالترف واللين، ونشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين، فطفق ابن هود يقرع له عصا الوعيد، ويرمي به مضلات البيد، وهو يقول: أي عم، تبلغ رضاك! ومتى اختلفنا عليك أو خالفناك - فقال له ابن هود فيما قال: والله لا أريم العرصة حتى يسهل مرامها، ويخلى في يدي زمامها - يعني تلك المعاقل - فقال له معز الدولة الجبان الجاهل، وظنه يريد دانية: أي عم! وأين تنقلنا، وإلى من تكلنا - ولم يفطن ابن هود لما قصد، وكان إلى جنبه وزيره ابن أحمد، فغمز يده وقال له: غرة فاهتبلها، وعثرة فلا تقلها، قد ألقى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015