وأرته أن ذلك من سعيها لا يستوي على سوقه، ولا يخلو بسواء طريقه، إلا [بإطلاق] تلك الطائفة المغربة بمطبق وبذة، المحترقة أفلاذ أكبادهم، بنيران دمهم وأحقادهم: داء دفين، وشر مضمون. وسولوا له أنه إذا فك أغلالهم، ووصل بحبل الحياة حبالهم، غسل جوانحهم، وتألف نصائحهم، وشاركهم في ذوات صدورهم، واعتد عليهم منة نشورهم، والبعثة من قبورهم. فأثار منهم مدى وشفاراً، [أعد] بهم لخراب ملكه أعواناً وأنصاراً. فأدخلهم البلد سراً من بعض مداخله الخفية، وقد سترهم باللثم، وأوهم أنهم بعض الحرم، حتى وصلوا إليه، ومثلوا بين يديه، وذلك اليوم يوم الجمعة لعشر خلت لمحرم سنة ثمان وستين.

وكان الذي مالأ ابن ذي النون على ذلك، وسهل له - زعموا - تلك المناهج الخبيثة والمسالك، الفقيه ابن المشاط متولي القضاء كان يومئذ بقونكة. وكان أبو بكر بن الحديدي [يألفه] ويسكن إليه قديماً، فاستدرجه بالأمان، واستفزه إلى مصرعه يومئذ بمزورات الأيمان، حتى جرعه رداه، وأسلمه إلى عداه. ودخل ابن الحديدي يومئذ القصر، والمقدار يزعجه، والخائن الغدار ابن المشاط يستدرجه، فلما أنضى إلى مجلس ابن ذي النون رأى وجوهاً قد أمنها مما تخوفها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015