ذكر الخبر عن بعض ما تناهى إليه المأمون

من تشييد البنيان بقصور طليطلة

قال ابن بسام: ثم أخذ المأمون في بناء مجلسه الكبير المكرم بناءً باء بإثمه، وخلا سريعاً من اسمه، لم يخلده في عقب، ولا قضى من لذته به كبير أرب، وكان الذي تولى له رصف بدائعه، وإحكام مصانعه، رجل من مهرة الفعلة، أكثر خلق الله صلفاً، وأشدهم تتايعا وسرفاً. وكان المأمون لعدم نظيره، يحتمل من اعتدائه وتغيريه، وتهاونه بجميع أموره، ما لا مزيد عليه، ولا انتهاء لأحد إليه. واتفق له مع ذلك الصانع أن وعده بتمام مجلسه المشيد قبل إطلال العيد، فرشح ابن ذي النون للجلوس في صدره، والاستظهار على زينة عيده بالفراغ من أمره، وتقدم إلى من كان بحضرته من الشعراء، على قلتهم ببابه، ونفارهم عن جنابه، لقلة نائله، وتفاهة طائله، في وصف مجلسه ذلك وتقريظ مبانيه، والثناء على مخترعه وبانيه، ثم إن ذلك الصانع استمر على ديدنه من الخلاف، وعمل على شاكلته من التهاون والإخلاف. واتفق أثناء ذلك أن ضربت خيل الطاغية فرذلند على بلاد المظفر بن الأفطس؛ وطئتها وطأة محت رسومها، واستباحت حريمها، واجتاحت حديثها وقديمها، وأنست ما كان قبلها من جب الذروة، وانصداع المروة، وأيأست من البقاء، وآذنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015