وفي فصل له في ذكر الشعراء
قال ابن حيان: وصار من مناكيد ذلك الصنيع الملحقة به عيب التقصير عدمه لحذاق من الشعراء يجيدون القول فيه، ويحسنون وصفه، فيوفون المبدع له حقه، إذ ألوى ببقاياهم الزمن العصيف المطاول للفتنة، وجاء بأشباه له من شعراء متكلفين مثل الخازباز المضروب مثلة، يهينمون بما لا ودق له من سمائهم، ويفرغون في قوالب تضيق عن إفراغهم، ويجهدون في حشو قوافيهم دون إرهاف للفظ ولا استنباط لمعنىً، فلا يسرون ناقداً، ولا يهزون ممترىً، ولا ينشطون راوياً. وأشق ما على الحائز لهم غلظهم في أنفسهم، واستقصارهم لمن امتدحوه في إخلاله وقعوده بهم، وهي لو عقلوا أقعد وأضيق واقصر وأعكس. فيا ويحهم ماذا عليهم في إلإنصاف من أنفسهم والاعتراف بتقصيرهم، أليس ذلك كان أولى بهم - فما أحسن قول " لا أدري " بمن يدري فضلاً بمن هو بضدها تصاب مقاتله. فلو قلدوا الزمن دؤولهم، ووله نقصهم، واعترفوا لبلواه، لكان أعذر لهم. فجلس لهم المأمون متخذ تلك المدعاة الفخمة في مرتبته ببرطيل المجلس الموصوف في أبهةٍ