جماعتهم، الإسرائيلي ذي، الزائد إحسانه على إبراهيم الموصلي، صديق إبليس، الظريف في فتنته، وتخايله بالماخوري المكنون، الذي اغتدى في باطله نسيج وحده، يزدهي العيدان جسه، ويخرس الأطيار شجوه، قاتله الله من آخذ بالقلوب! فطربوا وطرب المأمون ليلتئذ على وفور حلمه. وكان الذي غناه فيها ذي صوتاً شجياً، لحنه من خفيف الرمل، مطلق بالخنصر، في مقطوعة نظمها عبد الله بن الخليفة المقلب بالمصري، وهي:
باكر لبكر الدنان إن ... هداء العروس في السحر
واشرب عقاراً تخال حمرتها ... تحرق أيدي السقاة بالشرر
فإن يحيى أحيا بدولته ... ما قد محاه تصرف القدر
ملك هو الدهر في عزيمته ... يطلع فينا بطلعة القمر فطمح بابن ذي النون الإطراب، حتى حن حنين الناب، وخلع لوقته عليه ثوباً من التستري الأخضر مطرزاً بالذهب، ووصله بمائتي دينار ذهباً، ثم فض الصلات والخلع في سائر الطبقات.
هذا آخر خطاب ابن جابر إليّ بوصف ذلك الإعذار، وجمله التي بسطتها من إدماجه، وسبكتها من نقده. خلا أنه سامني ذكر مقطوعات