مصوغة من الذهب الإبريز أحكم صياغة، تتخيل لمتأملها كالحة الوجوه فاغرة الشدوق، ينساب من أفواهها نحو البحيرتين الماء هوناً كرشيش القطر أو سحالة اللجين. وقد وضع في قعر كل بحيرة منهما حوض رخام يسمى الذبح، محفور من رفيع المرم، كبير الجرم، غريب الشكل، بديع النقش؛ قد أبرزت في جنباته صور حيوان وأطيار وأشجار، وينحصر ماؤهما في شجرتي فضة عاليتي الأصلين، غريبتي الشكل، محكمتي الصنعة، قد غرزت كل شجرة منها وسط كل مذبح بأدق صناعة، يترقى فيهما الماء من المذبحين فينصب من أعالي أفنانهما أنصاب رذاذ المطر أو رشاش التندية، فتحدث لمخرجه نغمات تصبي النفوس، ويرتفع بذروتها عمود ماء ضخم منضغط الاندفاع، ينساب من أفواهها ويبلل أشخاص أطيارها وثمارها، بألسنة كالمبارد الصقيلة، يقيد حسنها الألحاظ الثاقبة، ويدع الأذهان الحادة كليلة.

قال ابن حيان: إلى هذا المكان انتهى تلخيصي ووصفي، وهو جلل عند قرانه بموصوفاته، ووشل عند إضافته إلى مغموضاته. وأبرأ من عهدة التقصير فيه، وأنهجه لمن تعاطى الاقتدار على الإبداع في وصفه.

قال: وتوالى إطعام أفواج الناس في ذلك الإعذار، مجلساً بعد آخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015