زمعاً، وإنه مشى - زعموا - إلى الحديد مشي البطل النجيد، ومكن الخاتن من عضوه فأعانه على إحكام صنعه، وسوى ختانه، وخفف آلامه، وأوشك إفراقه، فخلص من محنته هذه الشرعية، خلوص صادر السهام المصمي للرمية، فسر ابن ذي النون وشام برق الأمنية، فعند ذلك أذكى نيرانه، وأنضج أطعمته ونصب موائده، ودعا الجفلى إليها، ولم يفسح لأحد التخلف عنها. فاكتملت الأطعمة، وفتحت الأبواب، وسهل الحجاب، ورفعت الستور، وجليت المقاصير، وزينت القصور، واقيمت المراتب، ووكل بكل قسم منها كبير من وجوه الخدمة ضم إليه فريق من الأعوان والوزعة، يتصرفون بأمره، ويقفون عند حده، قد أخذوا بخفض الأصوات مع سرعة الحركات وحث الأقدام، فصار من بديع ذلك الصنيع الفخم أن لم يعل فيه صوت، ولا تشكي منه فوت، فطال العجب من استوائه في مثل ذلك المشهد.

قال ابن حيان: ولما بكرت أفواج علية الناس إلى باب القصر مستبقين، وغشيته زمرهم وزرافاتهم مبتدرين، أنزلوا عن دوابهم عند باب المنصب الأول، فأذن لهم بالدخول على مراتبهم، فمشوا وقد حفهم سراة الصقلب الخصيان، وخواص الحشم والغلمان، فأجلسوا في الدار الأولى ذات الحائر الريان. فلما اكتملوا أدخلوا إلى المجلس الكبير. فلما استقر فيه جمعهم خرجت تسمية من الأمير المأمون بإدخال القضاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015