لما بنيت من المكارم والعلا ... ما جاوز الجوزاء في الإجلال
أعملت رأيك في بناء مكرمٍ ... ما دار قط لآمل في بال
لو زاره كسرى أنو شروان لم ... يصرف إلى الإيوان لحظ مبال
يا ساقي الصهباء أين كبارها ... قد لذ ورد القهوة السلسال إعذار يحيى أبهج الدنيا وبين عذرنا في نحوة المختال ...
حشد السرور لنا طهور مطهر ... من عائر الجبناء والبخال
عرض من الآلام يجلب صحةً ... وطفيف نقص فيه كل كمال انتهى ما كتبته منها.
ونذكر بعقبها ما تعلق بسببها فصلاً لابن حيان في وصف ذلك الصنيع الذنوبي، دل به على [64] براعته، وأعرب به عن موضعه من صناعته، وسيمر أثناءه ذكر شعراء من هذه الطائفة الطارئة وسواها، لانتظام كلام ابن حيان إياها. فمنهم من ذكرت في هذا الموضع بارع أشعاره، وجرد فصلاً من كتابي في مستطرف أخباره، ومنهم من فات دركي، ولم يعلق بشركي، فاقتصرت في هذا الفصل على ذكره، وأثبت هاهنا ما وقع إليّ من شعره. وكان غير السوسي منهم أحق بالتقديم كمحمد بن شرف وسائر طبقته، ممن هو أعصف في البيان ريحاً، وأكثر عن الإحسان تصريحاً، ولكن وصلنا هذا الفصل بخبر هذا الرجل إذ لم يكن له سواه آية تتلى، ولا حسنة تجتلى.