وطمع عبد الملك فيها ونازلها فأعيت عليه، وقفل إلى قرطبة. وبقي شانجه في مسالمته ثلاثة أعوام يستعد لحربه. فأحس عبد الملك بغدره، فسابقه بالغزو سنة ست بعدها، وضحى عبد الملك يومئذ بمدينة سالم، ووافاه هنالك رسول الروم من القسطنطينية بكتابه إليه، يسأله المواصلة على سبيل سلفه مع ملوك المروانية. وساق له هدية وعدة من أسارى الأندلس طير عليهم بأطراف جزائره البحرية، فسر عبد الملك بذلك، وإذا كتابه مكتوب بالذهب على رسم ملوك الروم الذي فات الصنعة. وذكر صاعد ورود ذلك الرسول في شعر قال فيه:
زلزلت بالمرهفات صاحب قس ... طنطين حتى اتقاك بالكتب
يطلب فيها رضاك مجتهداً ... من قبل أن يتقيك بالهرب
فليس بالفائت البعيد مع الل ... هـ إذا [ما] هممت بالطلب وتمادى استعداد شانجه سراً لغزو عبد الملك فسابقه [54] سنة سبع وتسعين، وظهر المسلمون عليهم. ثم قفل إلى قرطبة آخر ذي الحجة منها. ثم غزا سنة ثمان غزوته الأخير في شوال، فاعتل في مدينة سالم، ورجع إلى قرطبة محرم سنة تسع وتسعين. فكانت آخر غزاة نفذت إلى بلاد الحرب لوشكان موته في صفر منها. وضبط أخوه عبد الرحمن الأمر بعده لنفسه.