فصل في ذكر الوزير أبي الفضل محمد بن عبد الواحد البغدادي الدارمي،
وإثبات جملة من أشعاره مع ما يتشبث بها من طريف أخباره
بلغني أنه خرج من بغداد إذ مات أبوه، وأساء عشرته أخوه، وسنه دون العشرين، فلحق بالأمير محمود، وشهد حروبه بأرض الهنود، وله فيه غير ما قصيد، إلى أن توفي فولي أكبر ولده بعده، فبقي أبو الفضل على حاله عنده، إلى أن خرج بعض إخوته عليه، فنهض لحربه، فدبر وزراؤه في طريقه الفتك به، وشاوروا أبا الفضل في القضية، فأبى من تلك الدنية، وأودع أذن الأمير، ذلك التدبير، فخاف وزراؤه أن يفتضحوا، وعاجلوه قبل أن يصبحوا، وقيدوه قبل أن يقدم أخوه، فسبقهم أبو الفضل إليه، ونص ما فعلوه بأخيه عليه. فشكر له وفاءه لصاحبه، وقال: الوفاء حلية الأحرار، والغدر ثوب الأشرار، ووصل القوم بعد بأخيه، ففك عن أغلاله، وحبسه عند بعض عماله، وضرب أعناق الغدرة، وقرب أبا الفضل واستوزره، إلى أن خرج عنه في خبر طويل